إنتکاسة جدیدة لعملیة السلام فی الیمن
دول العدوان السعودی الإماراتی على الیمن لا یبدو أنها جنحت للسلام وإیجاد مخرج سیاسی للأوضاع هناک.
فبعد حالة الأمل التی طغت على معظم الیمنیین خلال الأیام والأسابیع الماضیة بإیقاف الحرب على بلادهم وإحلال السلام خاصة بعد التوافق الغامض فی السوید عادت المؤشرات للوراء نتیجة استمرار الخروقات والتصعید من قبل هذه الدول وما تحیکها من مکائد سیاسیة للیمن والیمنیین.
مصادر یمنیة مطلعة کشفت أن اتفاق السوید یواجه انتکاسة کبیرة بعد فشل الفریق الأممی المستقر فی الحدیدة فی إیقاف الخروقات المستمرة من قبل قوات المرتزقة والقوات الأجنبیة المتمرکزة فی محیط مدینة الحدیدة وعلى امتداد الساحل الغربی، کما فشلت الأمم المتحدة فی فتح طریق الحدیدة صنعاء إثر تعنت قوات المرتزقة ورفضهم الانسحاب من الخط الفاصل بین کیلو 5 حتى کیلو 16 فی هذه الطریق.
وکانت قوات الجیش واللجان الشعبیة أعلنت عن تنفیذها المرحلة الأولى من عملیة إعادة الانتشار وانسحابها من موانئ الحدیدة التی نص علیها الاتفاق وسلمت هذه الأماکن لقوات خفر السواحل.
غیر أن دول العدوان رفضت هذه الخطوة وقالت إن هذه الموانئ یجب أن تسلم إلى قواتها، فی إشارة واضحة لعرقلة عملیة السلام فی المدینة والخروج عن نص اتفاق ستوکهولم، وهو ما یمثل انتکاسة حقیقة وکبیرة للعملیة السیاسیة والسلام فی الیمن.
خروقات وتفسیرات العدوان للاتفاق الحاصل لم تکن فقط بشأن إعادة الانتشار الأمنی فی الحدیدة وفتح الطرق والممرات الإنسانیة، بل إن الغارات على الحدیدة واستشهاد بعض المواطنین جراء القصف لازالت مستمرة، کما استقدمت الإمارات معدات عسکریة وقوات جدیدة إلى الساحل الغربی، حیث أفادت مصادر یمنیة أن ثلاث سفن محملة بالعتاد العسکری وصلت إلى المخاء وتم إرسال هذه القوات إلى الساحل الغربی.
ویعتبر إرسال هذه القوات مخالفة صریحة لنص الاتفاق الذی أکد على عدم إرسال تعزیزات عسکریة جدیدة إلى جبهات الساحل الغربی.
وتشیر هذه المعطیات على نیة أبوظبی فی الانقضاض على الاتفاق وإفشاله بعد أن فخخت الساحل بالعدید من الملیشیات.
ملف الأسرى أیضاً یواجه انتکاسة أخرى، حیث قالت اللجنة المکلفة بشؤون الأسرى التابعة لحکومة الإنقاذ أن مئات أو آلاف الأسماء التی قدمتها حکومة هادی والتحالف السعودی کانت مکررة أو سبق أن تم الإفراج عن بعض هولاء، وکذلک بعض الأسماء لأشخاص من تنظیم القاعدة مسجونین بقضایا إرهاب من عام 2007م حتى الیوم.
وکشفت اللجنة أن لدیها المئات من الأسرى الجنوبیین الذین أسروا فی الساحل الغربی أو الحدود لم یضمهم التحالف فی القائمة التی قدمها، مضیفة أن العملیة قد تواجه صعوبات وأزمات إذا استمرت بهذا الشکل.
المؤشرات على انتکاسة عملیة السلام وعدم رغبة دول التحالف لم تقتصر على الساحل الغربی واتفاق السوید بل ظهرت خلال الأیام الماضیة مؤاشرات کبیرة جداً على نیة السعودیة فی استمرار عدوانها.
وکان من ضمن هذه المؤشرات المساعی السعودیة فی إیجاد انقسام داخل مجلس النواب الیمنی بعد أن دعت العشرات من البرلمانیین وجمعهم من بلدان مختلفة فی لقاء ترأسه السفیر السعودی لدى الیمن الذی یعتبر الحاکم الفعلی للمناطق التی تقع تحت سیطرة الغزاة والمرتزقة.
وتقرر فی الریاض أن یقوم هولاء الأعضاء بالانقلاب على رئاسة المجلس القانونیة المتمثلة فی رئیسه الحالی الشرعی الشیخ یحیى الراعی، وأن یقوم هولاء الأعضاء بعقد جلسه للبرلمان فی المکان الذی ترغب فیه السعودیة وإصدار قوانین ملبیة لمصالحها ومطامعها فی الیمن على رأسها شرعنة العدوان وإیجاد اتفاقیات على قیام السعودیة بمد خطوط نفط فی المهرة وکذلک تشریع التواجد العسکری للسعودیة والإمارات فی الیمن.
وقالت مصادر فی الریاض إن السعودیة دفعت أموالاً طائلة لهولاء الأعضاء لکن لازالت هناک اختلافات فی اسم الشخص الذی یقود البرلمان.
وتعتبر هذه الخطوة من قبل السعودیة دلیلاً قاطعاً على عدم نیتها فی إحلال السلام وإیجاد مصالحة، بل إنها مازالت مصرة على تواصل حضورها وتواجدها فی الیمن واستمرار حروبها وتمددها.
الإمارات أیضاً التی تسعى إلى الحضور والسیطرة على السواحل الیمنیة غیر جادة فی إیجاد سلام دائم فی الیمن، حیث أظهر مقطع فیدیو بثه ناشطون یمنیون أحد الشخصیات الإماراتیة یقول فی اجتماع مع شخصیات من جزیرة سقطرى الیمنیة أن الإمارات انهت ترتیباتها فی منح جمیع سکان الجزیرة الجنسیة الإماراتیة، مضیفا أن الهدف هو ضم هذه الجزیرة للإمارات، ومدعیا أن هذه الجزیرة تربطها علاقات تاریخیة وأسریة ونسبیة مع الإمارات وأنها تعود تاریخیا للإمارات حسب وصفه، متجاهلا أن دولة الإمارات تشکلت خلال الخمسین عاماً الماضیة.
ویثبت هذا الفیدیو حسب العدید من الیمنیین النوایا الحقیقة للإمارات فی الیمن ومطامعها فی التوسع على حساب الیمن الذی یعانی من أزمات.
وکانت مصادر یمنیة تحدثت سابقاً أن دول مجلس التعاون رأت فی ضعف الیمن وانهیاره خلال العام 2011 وحتى 2015 فرصة للتمدد وتقاسم الیمن من حیث النفوذ والجغرافیا، وکانت الحرب على هذا الأساس، حیث اتفقت هذه الدول على تشکیل التحالف المزعوم وشن حرب على الیمن ثم تقاسمه.
غیر أن المقاومة التی أبداها الیمنیون أفشلت هذا المخطط، کما أن الأزمة مع قطر أحدثت بعض الشروخ فی هذا المخطط، غیر أن الإمارات تصر على مصادرة جزیرة سقطرى وسواحل الیمن.
ویعزز هذه الفرضیة قیام الإمارات بزراعة عشرات الملیشیات المتناحرة فیما بینها فی معظم المناطق التی تسیطر علیها، بالإضافة إلى انتشار الفوضى وتدمیر ما تبقى من کیان الدولة وتحنیطها من خلال إدارة عبدربه منصور هادی وحکومته، الذین لا یقدمون ولا یأخرون، ولا یلعبون أی دور حقیقی فی الأوضاع الحاصلة تحت سیطرتهم.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار کل هذه المؤشرات، یتضح جلیا أن اتفاق السوید یواجه انتکاسة حقیقة، وأن نوایا دول العدوان لازالت مبیتة، وأن هذه الدول لم تمل حتى الآن من دماء الیمنیین، بل إنها على مایبدو مصرة على قتلهم بشکل جماعی، نظراً لتفاقم الأوضاع الإنسانیة وانتشار الجوع والمرض، خاصة فی المناطق التی یسیطر علیها الجیش واللجان الشعبیة.
عبدالرحمن راجح